افضل محامي في العراق

الدين بين الأقارب من الدرجة الأولى في القانون العراقي

حماية للصلة أم باب للنزاع ؟

المحامية نور محسن الحميداوي :

في المجتمع العراقي تبنى العلاقات العائلية على ألثقة وخاصة بين الأقارب من الدرجة الأولى كالوالدين وألابناء والأخوة ولكن حينما يدخل (الدين المالي) ضمن هذه العلاقة تتعقد الأمور ويبرز التساؤل : هل تنظر القوانين العراقية إلى هذه الديون بعين العاطفة أم بعين القانون المجرد ؟

أولا تعريف القانون للدين

الدين في القانون المدني العراقي يعرف بأنه التزام شخص بأداء شيء لأخر سواء كان مالاً أو عملاً وينضم القانون المدني العراقي (رقم 40 لسنة 1951 المعدل) هذه ٍ الألتزامات ضمن أبواب العقود والاثبات

 ثانيا الديون بين الأقارب لا أستثناء من الاثبات

الأصل في الأثبات عما تزيد قيمته عن 5000 ديناراً هو الكتابة أي عدم جواز الإثبات في الشهادة عما تزيد قيمته على 5000 ديناراً فقرة الأولى والثانية من المادة 77 لقانون الأثبات رقم 107 لسنة 1979 إلا اذا وجد مانع مادي أو ادبي حال دون الحصول على دليل كتابي

 بمعنى أوضح : تطبيق عملي في المحاكم العراقية

أخت قامت بالاتفاق مع شقيقها من أجل شراء عقار لها في العراق كونها تسكن خارج العراق ولديها جنسية أخرى وقامت بتحويل الأموال عن طريق الصيرفة وتم الشراء ولكن تم تسجيل العقار باأسم شقيقها كون الأخ أقنع اخته انها تملك الجنسية الاجنية ولايحق لها بتسجيل عقار في العراق ولجهلها بالقانون قامت بالاتفاق معه بتسجيل العقار بااسمه وعند عودتها يقوم بتحويل العقار الى اسمها

وعند عودة الأخت الى العراق طالبت بتحويل العقار ألى اسمها لكنه الأخ نكر الاتفاق الذي وقع بينه وبنها وعند العودة الى القانون وأقامة عده دعاوي من أجل استرداد حقها للأسف تم رد الدعوى كونها عجزت عن إثبات الاتفاق وعند الرجوع ألى المانع الأدبي كانت شهادة الشهود ركيكة وعليه خسرت دعواها….

وقد قضت محكمة التميز في قرارها المرقم 990/حقوقية/1980 في 19/5/1980 المنشور في مجموعة الأحكام العدلية العدد الثاني لسنة 1980 ص166 على أن :

جواز قبول الإثبات الشهادة بين الاشقاء حيث جاء فيه (ان الروابط العائلية بين الأشقاء تعتبر من الموانع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل وتجيز الإثبات بالشهادة فيما كان يجب إثباته بالبينة التحريرية الفقرة 2 من المادة 18 من قانون الاثبات

ثالثا الثقة لاتغني عن الإثبات

رغم أن الثقة العائلية تعتبرقيمة سامية في مجتمعنا إلا أن القانون لايبنى على (النية الطيبة)  وحدها فكثير من الخلافات القانونية تبدأ من جملة (مانكتب بيناتنا إحنا أهل) لكن حينما تتغير الظروف أو تتدخل أطراف خارجية تبدأ النزاعات ويصبح من الصعب إثبات الحق

 رابعا هل يعتبر الدين بين الأقارب عقداً ؟

نعم بحسب المادة 87 من القانون المدني فإن العقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني ولو تم باللفظ أو الكتابة أو الأشارة فإذا تم الاتفاق بين الطرفين على إقراض مبلغ فهو عقد ويترتب عليه أثار قانونية حتى بين الأقارب …

خامسا القانون لايمنح القريب حقا خاصا أو أستثناء في حال النزاع المالي بل يتعامل مع الجميع كأطراف قانونية مستقلة والمحاكم العراقية لاتراعي روابط القرابة عند إصدار الأحكام بل تعتمد على ألادلة والوقائع

خلاصة القول هدف هذا المقال هي التوعية القانونية داخل الاسرة

أن الثقة بين الأقارب شيء نبيل لكن حين يتعلق ألامر بالمال لأبد من وجود دليل قانوني يحفظ الحقوق ويمنع النزاعات توثيق الدين لايفسد الود بل يحمي العلاقة من الشك والخصومة كما قال ألامام علي (عليه السلام)

(صنع المعروف في أهله وتوقع الفتنة من غيرهم) فإن وضع الحق في موضعه هو أقوى سبل حفظ الصلة ….