|

مصادرة التكاتك: تطبيق للقانون… ام تجاوز له؟

المحامي: ايوب حميد/متخصص بالقضايا التجارية.

اعلنت مديرية المرور العامة في العراق عن حملة وصفت بانها الاعنف من نوعها لمصادرة التكاتك والدراجات النارية غير المسجلة الامر الذي اثار جدلا واسعا حول مدى مشروعية هذا الاجراء وحدود السلطة الادارية في حجز او مصادرة المركبات.

فبينما ينص قانون المرور رقم 8 لسنة 2019 في مادته 4 على ضرورة تسجيل وترخيص اي مركبة تسير في الطرق العامة فقد وردت احكام الحجز الاداري في المادة 25 اولا فقط في حالات محددة مثل قيادة مركبة بزجاج مظلل او بدون لوحات تسجيل ويكون الحجز فيها مؤقتا لحين رفع المخالفة او اكمال اللوحات ولا تمتد هذه النصوص لتشمل المصادرة باي حال اذ لم يرد في القانون نص يمنح مديرية المرور او اي جهة ادارية صلاحية مصادرة المركبات بشكل نهائي فالمصادرة هي عقوبة لا يمكن فرضها الا بحكم قضائي صريح ضمن اجراءات جنائية ووفقا للدستور العراقي في المادة 19 اولا التي تنص بوضوح على انه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ولا عقوبة الا بحكم قضائي.

ان وصف الحملة بانها الاعنف ومباشرة مصادرة جماعية دون الرجوع الى القضاء يطرح تساؤلات قانونية ودستورية جوهرية اهمها مدى احترام مبدأ التناسب وحق المواطن في الاعتراض او الطعن والفصل بين الحجز المؤقت الذي نظمه القانون والمصادرة التي يشترط لها قرار من المحكمة وفي واقع الحال فان اغلب مستخدمي هذه المركبات هم من اصحاب الدخل المحدود الذين يعتمدون عليها كمورد رزق يومي ما يتطلب معالجة تستند الى القانون وتراعي الظروف الاجتماعية لا الى اسلوب الصدمة او العقوبة الجماعية.

وقد يستند في تبرير هذه الاجراءات الى الصلاحيات الممنوحة لوزير الداخلية بموجب المادة 48 ثانيا التي تتيح له اصدار التعليمات لتسهيل تنفيذ القانون الا ان هذه الصلاحية تقتصر على الجانب التنظيمي ولا تمنحه الحق بفرض اجراءات لم ينص عليها القانون كالمصادرة لان التعليمات لا تعلو على النصوص ولا تنشئ صلاحيات جديدة ان الدولة التي تسعى الى فرض النظام يجب ان تبدأ اولا بالالتزام بالقانون ذاته فاحترام القانون لا يقاس بشدة العقوبة بل بسلامة الاجراء وعدالته وتنظيم الشارع لا يعني المساس بحقوق الافراد ولا تجاوز الدستور بل يتحقق من خلال اجراءات قانونية تدريجية تحفظ الامن وتحمي الحقوق في ان واحد.