النظام القانوني والتنظيمي للأخطاء الطبية في القانون العراقي وأهمية المحامي

المحامي: عبدالله حسين جاسم التميمي

تُعد الأخطاء الطبية من أكثر القضايا القانونية حساسية، نظراً لتأثيرها المباشر على حياة الأفراد وصحتهم. في القانون العراقي، يحظى هذا الموضوع بتنظيم دقيق يوازن بين حماية المرضى وضمان عدم معاقبة الأطباء بغير وجه حق، مما يجعل دور المحامي ضرورياً لضمان تحقيق العدالة.

التنظيم القانوني للأخطاء الطبية في العراق

ينظم القانون العراقي الأخطاء الطبية من خلال عدة نصوص قانونية، أبرزها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وقانون نقابة الأطباء وتعليمات وزارة الصحة. ووفقاً لهذه القوانين، يُعرَّف الخطأ الطبي بأنه أي فعل أو تقصير يرتكبه الطبيب أثناء مزاولة مهنته، يؤدي إلى ضرر للمريض بسبب إهمال أو جهل بأصول المهنة أو عدم اتخاذ الحيطة والحذر اللازمين.

تنقسم المسؤولية القانونية للطبيب في العراق إلى نوعين:

  1. المسؤولية الجنائية: تترتب عندما يؤدي الخطأ إلى وفاة المريض أو إصابته بعجز دائم، وقد تصل العقوبات إلى الحبس وفقاً لقانون العقوبات.
  2. المسؤولية المدنية: تلزم الطبيب أو المؤسسة الطبية بتعويض المريض أو ذويه في حال ثبوت الخطأ الطبي.

لكن القانون يميز بين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم، حيث لا يُحاسب الطبيب إذا كان الضرر ناتجاً عن مضاعفات متوقعة أو بسبب حالة المريض نفسه، مما يعكس التوازن القانوني بين حقوق المرضى وحماية الأطباء من الملاحقة غير المبررة.

أهمية المحامي في قضايا الأخطاء الطبية

يؤدي المحامي دورًا حاسمًا في هذه القضايا، سواء كان ممثلًا عن المريض المتضرر أو مدافعًا عن الطبيب المتهم. وتكمن أهميته فيما يلي:

جمع الأدلة والتقارير الطبية: يحتاج إثبات الخطأ الطبي إلى تقارير من لجان طبية مختصة، وهنا يكون للمحامي دور رئيسي في استيفاء المستندات الضرورية.

صياغة الدعاوى القانونية: القوانين الطبية معقدة، وتتطلب معرفة قانونية دقيقة لصياغة دعوى متماسكة يمكنها الصمود أمام المحكمة.

التفاوض مع شركات التأمين والمستشفيات: في كثير من الحالات، يمكن للمحامي تسوية النزاعات خارج المحكمة، مما يوفر الوقت والجهد على جميع الأطراف.

الدفاع عن الأطباء: في بعض الأحيان، يُتهم الطبيب بالخطأ الطبي رغم عدم ثبوت تقصيره، وهنا يأتي دور المحامي في تقديم الدفوع القانونية التي تحمي حقوق الطبيب وتثبت براءته إن كان محقًا.

ختاماً

القانون العراقي يسعى لتحقيق التوازن بين حق المريض في العلاج الآمن وحق الطبيب في ممارسة مهنته دون خوف غير مبرر من الملاحقة القانونية. ومع تعقيد هذه القضايا، يظل وجود محامٍ مختص هو الضمانة الأساسية لحماية الحقوق وتحقيق العدالة، سواء للمرضى أو للأطباء.