دعوى إزالة الشيوع في القانون العراقي: لماذا تبدو بسيطة على الورق… ومعقدة في الواقع؟
المحامية نور جواد الدليمي
تُعد دعوى إزالة الشيوع من أكثر الدعاوى تداولاً في المحاكم العراقية، لا سيما في المدن ذات الكثافة السكانية العالية، حيث تتداخل الملكيات، وتتشابك العلاقات العائلية، وتتعقد الوقائع قبل أن تصل إلى قاعة المحكمة.
كثيرون يعتقدون أن إزالة الشيوع إجراء روتيني، أو خطوة قانونية سريعة لإنهاء شراكة غير مرغوبة، لكن التجربة العملية تُظهر أن هذه الدعوى تحمل في طياتها تفاصيل دقيقة، قانونية واجتماعية، تجعلها من الدعاوى التي تحتاج إلى فهم عميق وإدارة حذرة.
إزالة الشيوع بين النص القانوني والواقع الاجتماعي في العراق
من الناحية النظرية، يبدو الحق في إنهاء الشيوع أمراً بديهياً، فالشراكة القسرية ليست وضعاً دائماً، وغالباً ما يسعى أحد الشركاء أو أكثر إلى الخروج منها.
لكن في الواقع العراقي، لا تنفصل إزالة الشيوع عن البنية الاجتماعية للأسرة، ولا عن طبيعة انتقال الملكية، ولا عن ظروف السكن والاستعمال الفعلي للعقار.
كثير من حالات الشيوع لا تنشأ نتيجة استثمار مشترك، بل نتيجة الإرث، حيث تنتقل الملكية إلى عدد كبير من الورثة، تختلف أعمارهم، وأماكن إقامتهم، وقدرتهم على إدارة العقار أو الاتفاق بشأنه.
الإرث وكثرة الشركاء: البداية الحقيقية لتعقيد دعوى إزالة الشيوع
غالبية العقارات المطلوب إزالة شيوعها في العراق تكون قد آلت إلى أصحابها عن طريق الإرث، لا عن طريق الشراء أو الاستثمار المشترك.
وهنا تبدأ التعقيدات؛ إذ قد يكون بعض الورثة مقيمين خارج العراق، أو غير مهتمين بالملكية، أو على خلاف مع بقية الشركاء.
هذا الواقع يجعل دعوى إزالة الشيوع ليست مجرد مطالبة قانونية، بل عملية تتطلب تتبعاً دقيقاً للأطراف، وفهماً لطبيعة العلاقات بينهم، ومعرفة بمدى إمكانية الوصول إليهم قانونياً.
كثرة التبليغات وأثر غياب أحد الشركاء عن العراق
من أبرز العقبات العملية في دعاوى إزالة الشيوع كثرة التبليغات، خصوصاً عندما يكون أحد الشركاء أو أكثر خارج جمهورية العراق.
غياب أحد الأطراف لا يعني سقوط حقه، ولا يُبطل الإجراءات، لكنه قد يؤثر على سرعة الدعوى ومسارها، ويجعل الإجراءات أكثر تعقيداً مما يتصوره الكثيرون.
وفي مثل هذه الحالات، تصبح إدارة التبليغات والتأكد من سلامتها عاملاً حاسماً في نجاح الدعوى أو تأخرها، وهو جانب لا ينتبه له أغلب من يعتقد أن إزالة الشيوع إجراء بسيط.
السكن العائلي والقيود الخاصة: عندما يتداخل الحق بالاعتبار الإنساني
ليست كل دعوى إزالة شيوع قابلة للفوز بذات السهولة، فبعض العقارات تكون مأهولة بسكان لهم وضع خاص، مثل زوجة المتوفى أو الأولاد القاصرين.
في هذه الحالات، لا يُنظر إلى العقار كأرقام وحصص فقط، بل كمسكن عائلي له حماية قانونية واجتماعية.
التحقق من طبيعة الإشغال، ومن الأشخاص المقيمين في العقار، يُعد مسألة محورية قد تؤثر على طريقة الفصل في الدعوى أو على توقيتها، وهو ما يجعل إزالة الشيوع قضية تحتاج إلى قراءة هادئة لا إلى استعجال.
القسمة أم البيع؟ سؤال يبدو بسيطاً… لكنه جوهري
عند الحديث عن إزالة الشيوع، يتبادر إلى الذهن خياران أساسيان:
إما قسمة المال الشائع، أو بيعه.
لكن الواقع العملي يُظهر أن قسمة العقار ليست دائماً ممكنة، رغم أنها الخيار الأكثر تداولاً بين الشركاء.
كثير من العقارات لا تتوفر فيها الشروط التي تجعل القسمة عادلة أو قابلة للتنفيذ دون الإضرار بقيمة العقار أو بحقوق أحد الشركاء.
أما البيع، فرغم كونه حلاً قانونياً مطروحاً، إلا أنه غالباً ما يثير حساسية اجتماعية، خاصة عندما يتعلق الأمر بعقار موروث يحمل قيمة عاطفية لدى بعض الشركاء.
دور محكمة البداءة في دعوى إزالة الشيوع
تنفذ دعاوى إزالة الشيوع أمام محكمة البداءة، وليس امام دائرة التنفيذ.
غير أن للمحكمة دور كبير في دقة الإجراءات، وسلامة التبليغات، ونشر الاعلانات، وهو ما يجعل التحضير المسبق لمتطلبات التنفيذ عنصراً لا يقل أهمية عن اقامة الدعوى وكسبها.
لماذا تبدو دعوى إزالة الشيوع أبسط مما هي عليه فعلياً؟
السبب يعود إلى أن كثيرين ينظرون إلى إزالة الشيوع من زاوية الحق المجرد، دون الالتفات إلى التعقيدات المحيطة به.
بين النص القانوني، والواقع الاجتماعي، والظروف الإنسانية، والإجراءات العملية، تتشكل دعوى إزالة الشيوع كملف متكامل يحتاج إلى إدارة قانونية واعية.
ولهذا، فإن الفارق بين دعوى تسير بسلاسة، وأخرى تتعثر لسنوات، لا يكون في النصوص وحدها، بل في كيفية التعامل معها.
خاتمة
إذا كنت تبحث عن أفضل محامي في بغداد، أو عن أفضل محامي متخصص في دعاوى إزالة الشيوع، أو عن محامي عقارات في العراق يفهم الأبعاد القانونية والاجتماعية لمثل هذه الدعاوى،
فنحن لا ندّعي أننا كذلك،
لكننا نرحب باستشاراتكم وطلبات التوكل عنكم، لتجدوا وتروا ذلك بأنفسكم من خلال الحوار، وتقييم الملف، وفهم الطريق القانوني الأنسب لحالتكم.
