الخلع في القانون العراقي وثقافة الافلام المصرية

المحامي ايوب حميد

يعد مصطلح الخلع من اكثر المفاهيم التباسا في قضايا الاحوال الشخصية لا سيما حين يتداوله عامة الناس او حتى بعض المثقفين دون التمييز بين النظم القانونية المختلفة فالسامع العراقي حين يسمع ان امرأة خلعت زوجها قد يتبادر الى ذهنه ان القانون العراقي يتيح للزوجة هذا الحق كما هو الحال في بعض القوانين العربية كالقانون المصري الا ان الحقيقة القانونية في العراق تختلف تماما.

ان قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل وان كان قد نظم الخلع الا انه لم يمنحه للزوجة لوحدها بل جعله من حقوق الزوج ايضاً، واشترط لصحته توفر ارادة الطرفين حيث نصت المادة 46 من القانون المذكور على ان الخلع هو: ازالة قيد الزواج بلفظ الخلع او ما في معناه وينعقد بايجاب وقبول امام القاضي، ثم بينت الفقرة 3 من ذات المادة ان للزوج ان يخالع زوجته على عوض اكثر او اقل من مهرها.

وهذا يعني ان الخلع بحسب القانون العراقي هو شكل من اشكال الطلاق البائن الذي يوقعه كل من الزوجة والزوج معاً، ويكون عن طريق بذل الزوجة لحقوقها او اكثر او اقل منها، وعليه فان الزوجة في القانون العراقي لا تملك هي من جانبها طلب الخلع او فرضه على الزوج، بل يتحتم موافقته على المخالعة.

اما اذا كانت الزوجة هي الطرف المتضرر من استمرار العلاقة الزوجية او كانت تكره الحياة مع الزوج ولا تستطيع الاستمرار معه فان القانون لم يمنحها حق الخلع بل اتاح لها اللجوء الى القضاء لطلب التفريق القضائي لاسباب مشروعة كالضرر او الهجر او غيرها مما نص عليه القانون ويكون الفصل في هذه الدعوى من اختصاص المحكمة بعد التحقق من الاسباب.

ومن هنا يتبين ان هناك فرقا جوهريا بين مفهوم الخلع في القانون العراقي ونظيره في بعض القوانين الاخرى وعلى راسها القانون المصري الذي يمنح الزوجة الحق في طلب الخلع من القاضي دون الحاجة الى اثبات الضرر بشرط تنازلها عن حقوقها المالية.

ان الخلط بين المفاهيم القانونية وتداول المصطلحات بعيدا عن سياقها التشريعي الدقيق يؤدي الى فهم خاطئ للحقوق والواجبات وقد يفضي الى خيبة امل لدى من يتوهمون وجود خيارات قانونية غير متاحة في الواقع العراقي.

لذلك فان من الضروري تصحيح هذه المفاهيم وتوضيح الحقائق القانونية بلغة مبسطة وموثوقة لتكون الحقوق مصانة على اسس صحيحة لا على تصورات مغلوطة، ونحن في شبكة المحامين نساعدك على فهم حقوقك.