الجرائم الأكاديمية… حين يتحول منبر العلم إلى مسرح للجريمة
المحامية نور جواد جاسم/محاكم استئناف الكرخ
في قلب الجامعات العراقية، حيث يُفترض أن يكون العقل سلطاناً والقيم منارةً، تسلل الظلام إلى أروقة العلم. مشهد درامي حقيقي يتكرر — ولكن ليس على خشبة مسرح أو في مسلسل درامي — بل في القاعات الدراسية، بين من يُفترض أنهم قدوة ومربّون.
قبل أسابيع، استيقظت إحدى الجامعات على جريمة تهزّ الضمير. أستاذ جامعي لم يحتمل رفض زميلته التدريسية لحبه المهووس، فقرّر أن يصنع من نهايتها مأساة. قتلها بدم بارد، غير آبهٍ بمكانة القلم الذي يفترض أنه يحمله، ودمّر معها صورة الأستاذ الجامعي في أذهان طلابه.
وفي زاوية أخرى من البلاد، ظهر وجه آخر للانحراف الأكاديمي. أستاذ آخر، لم يرَ في طالباته إلا ضحايا سهلة لموقعه وسلطته. تحرّش، استغلال، وابتزاز نفسي وجنسي… تصرّفات تكشف عن خيانة مزدوجة: للمهنة وللثقة.
أما الحكاية الأشدّ وقعا، فكانت أكثر من مجرد فضيحة. تدريسي يقيم علاقة محرّمة مع طالبة في سيارته الشخصية، في خرق صارخ للقانون والأخلاق. الحارس الامني، رجل بسيط لم يرتضِ هذا الانحدار، كشف العلاقة، فكان ثمن شهامته حياته. دهسه الأستاذ بسيارته، في لحظة تهوّر تحوّل فيها من أستاذ إلى قاتل.
إنها ليست مجرد حوادث فردية، بل ناقوس خطر يقرع بقوة: من يحاسب الأستاذ حين يخون العلم؟ من يردع من يلبس عباءة الاحترام ليخفي وحشاً داخلياً؟ ومتى نعيد للجامعة قدسيتها؟
القانون العراقي واضح: القتل، التحرش، واستغلال النفوذ، جرائم يعاقب عليها بعقوبات تصل بالسجن المؤبد أو الحبس. لكن الأهم من العقاب، هو الوقاية. يجب أن تتحرك وزارة التعليم، أن تُفعل آليات الرقابة، أن يكون هناك خط ساخن وشكاوى محمية، وأن لا يُسمح بأي غطاء اجتماعي أو وظيفي أن يُخرس صوت الضحايا.
فالجامعة التي لا تحمي طلابها، لا تخرج علماء… بل تُخرّج وحوشاً في هيئة بشر.
ماذا يقول القانون؟
هذه الأفعال ليست فقط خرقاً للأخلاق والمهنية، بل تشكل جرائم جنائية صريحة يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969:
القتل العمد مع ظرف مشدد: نصت المادة 406 على عقوبة الاعدام في حال ارتُكب جريمة القتل العمد مع تخطيط مسبق كما في جريمة قتل الاستاذ الجامعي لزميلته.
التحرش الجنسي: وفق المادة 396 و402، يُعاقب على أي فعل ينطوي على اعتداء جنسي أو تحرش، لا سيما إذا تم باستخدام النفوذ أو السلطة.
العلاقات غير الشرعية داخل المركبة: تُعد خرقاً للآداب العامة بموجب المادة 401، خاصة إذا تمت في أماكن عامة.
القتل باستخدام السيارة: إذا ثبت القصد الجرمي، تُكيّف الجريمة كقتل عمد يُعاقب عليه بالسجن المؤبد او المؤقت وفق المادة 405.