النفقة بشرط الاستمتاع: تصوّر للتعديلات المحتملة في قانون الأحوال الشخصية الجديد

المحامي: عبد الله حسين التميمي/محاكم استئناف الكرخ.

النفقة الزوجية هي من الحقوق المالية التي تستحقها الزوجة من زوجها، ولكن الجدل يثور عندما يُربط استحقاق النفقة بتمكين الزوجة من المعاشرة. هل يتطلب القانون العراقي التمكين من الاستمتاع كشرط لاستحقاق النفقة؟ لنستعرض هذا الموضوع بالنظر إلى النصوص القانونية والفتاوى الشرعية.

أولاً: الموقف الفقهي – فتوى المرجع الاعلى السيد السيستاني

في المسألة 351 من منهاج الصالحين، صرح السيد السيستاني (دام ظله) أن النفقة لا تُستحق إذا امتنعت الزوجة عن التمكين من الاستمتاع، سواء خرجت من بيت الزوجية أو لم تخرج. وعليه يشترط الفقه الجعفري التمكين التام من الاستمتاع، لا السكن فقط، كشرط أساسي لوجوب النفقة. وهذا الشرط لا يُلغى إلا بعذر شرعي معتبر، مثل المرض أو الإكراه. ولذلك فان الفقه الجعفري يربط النفقة بواجب الطاعة، ويعتبر العلاقة بين النفقة والتمكين جزءاً من نظام الحقوق المتبادلة بين الزوجين.

“إذا امتنعت الزوجة عن التمكين من الاستمتاع مطلقاً لم تستحق النفقة، سواء خرجت من بيت الزوجية أو لم تخرج.”
المصدر: المسألة 351 – منهاج الصالحين، ج3

ثانياً: النص القانوني العراقي – المادة الرابعة والعشرون/2 من قانون الاحوال الشخصية

تنتاول هذه المادة النفقة بشكل تفصيلي في فقرتها الثانية، حيث تحدد ما يشمله حق الزوجة في النفقة:

“تشمل النفقة الطعام والكسوة والسكن ولوازمها وأجرة التطبيب بالقدر المعروف وخدمة الزوجة التي يكون لأمثالها معين”.

يتبين من النص السابق أن النفقة لا تقتصر على المال فحسب، بل تشمل مجموعة من الاحتياجات الأساسية التي يجب على الزوج توفيرها لزوجته. والتي تتضمن الطعام، السكن، العلاج، والخدمة. من خلال هذه الفقرة، نرى أن النفقة تُعتبر واجباً قانونياً على الزوج دون الحاجة إلى ربطها بالتمكين من الاستمتاع.

ثالثاً: تصور تشريعي – كيف سيكون النص؟

استناداً إلى الفقه الجعفري والنصوص القانونية، يمكن تصور نص قانوني في المستقبل يوضح العلاقة بين التمكين والنفقة، بحيث يُكتب:

“تُستحق النفقة للزوجة من تاريخ العقد الصحيح، بشرط إقامتها في بيت الزوجية وتمكينها من المعاشرة الزوجية تمكيناً مشروعاً. وتسقط النفقة إذا امتنعت الزوجة عن التمكين دون عذر معتبر تقدّره المحكمة”.

رابعاً: الرأي والرأي الآخر

الرأي الأول (الحقوقي–المدني):
يُصر هذا الرأي على أن النفقة حق ثابت للزوجة بمجرد عقد الزواج، ولا يمكن ربط استحقاقها بالتمكين الفعلي. بالنظر إلى أن المادة 24 من قانون الأحوال الشخصية لم تشترط التمكين صراحة، فإن النفقة تعتبر واجباً على الزوج بشكل مباشر.

الرأي الثاني (الفقهي–المنظّم):
وفقاً للفقه الجعفري، يُشترط التمكين من الاستمتاع كشرط للنفقة. إذا امتنعت الزوجة عن التمكين دون عذر شرعي، تسقط نفقتها، حتى وإن كانت مقيمة في بيت الزوجية. ويستند هذا الرأي إلى أن النفقة تقابل أداء الزوجة لواجبها الشرعي في الحياة الزوجية، لا مجرد الإقامة الشكلية في منزل الزوج.

التصور الأخير:

ربط النفقة بـ التمكين من الاستمتاع هو مسألة تتطلب تصوراً قانونياً مستقبلياً في إطار تعديل قانون الأحوال الشخصية الجديد. في القانون الحالي، لا توجد علاقة واضحة بين النفقة والتمكين، لكن التعديلات المرتقبة قد تتضمن شروطاً تربط بينهما.

التصور الحالي يشير إلى إمكانية أن يشترط التمكين كشرط لاستحقاق النفقة، مع مراعاة الحالات التي قد تبرر الامتناع عن التمكين، مثل الظروف الشرعية أو القهرية. يبقى هذا التصور مجرد اقتراحات لمستقبل القانون الجديد الذي قد يسعى لتحقيق التوازن بين حقوق وواجبات الطرفين.

دور المحامي في هذه القضايا:

في هذه القضايا، يُعتبر المحامي عنصراً أساسياً في تقديم المشورة القانونية للأطراف المتنازعة، حيث يساعد في تفسير النصوص الشرعية والقانونية وضمان الحقوق المالية للزوجين. كما يمكن لشبكة المحامين العراقين أن تلعب دوراً كبيراً في تسوية النزاعات المتعلقة بالنفقة من خلال تقديم استشارات قانونية متخصصة وحلول مرنة وفقاً لمتطلبات كل قضية.