أثاث الزوجية في العراق: ملكية مشروعة أم غصب مقنّع؟

المحامي: ايوب حميد/مختصص بالقضايا التجارية.

اثاث الزوجية في العراق ليس مجرد منقولات منزلية بل موضوع قانوني معقد يتشابك فيه الفهم العرفي مع القواعد المدنية والاجتهاد القضائي فغالبا ما يُظن أن كل ما يُجهز به بيت الزوجية من غرفة نوم وأجهزة ومخشلات ذهبية وملابس هو ملك للزوجة كونه من معجل المهر أو ما يُعرف بالحاضر، لكن الحقيقة أن المهر ليس سوى أحد مصادر الملكية وليس المصدر الوحيد إذ يمكن للزوجة أن تملك الأثاث بشرائه من مالها الخاص أو من خلال الهدايا التي تتلقاها من أهلها أو أقاربها أو حتى من زوجها وبالتالي لا يجوز افتراض أن كل ما في بيت الزوجية ملك للزوجة ولا العكس أيضا.
القانون المدني العراقي وضع قاعدة واضحة بأن الحيازة في المنقول سند للملكية ما لم يثبت العكس وهو ما نصت عليه المواد ١٠٩٨ و١١٩٨ من القانون المدني، أما من الناحية الواقعية فغالبا ما تستند المحاكم إلى البينة الشخصية (شهادة الشهود) أو الإيصالات لتحديد عائدية الأثاث وتفريقه بين ما يصلح للنساء وما يصلح للرجال وما هو مشترك.

قرارات محكمة التمييز الاتحادية أكدت مرارا أن استعمال الزوجة للأثاث لا يعد دليلا على ملكيتها له إلا إذا ثبت أنه وهب لها صراحة أو اشترته من مالها كما في القرار ١٢١٤ لسنة ٢٠٠٧ الذي نص أن مجرد الاستعمال لا يُعد تملكا.

أما في دعاوى المطاوعة فقد اشترطت المادة ٢٥ من قانون الأحوال الشخصية أن تكون دار الزوجية مهيأة بأثاث يتناسب مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي للزوجين وأن يكون هذا الأثاث عائدا للزوج لا لغيره وإلا عُد طلب المطاوعة تعسفا ولا تُلزم الزوجة بمطاوعة زوجها في دار مؤثثة بمال غيره.

دعوى غصب الأثاث الزوجية تُقام استنادا لأحكام الغصب في القانون المدني لا استنادا لقانون الأحوال الشخصية وكانت تُنظر سابقا أمام محكمة البداءة ثم نقل اختصاصها إلى محكمة الأحوال الشخصية بموجب تعديل المادة ٣٠٠ من قانون المرافعات بموجب القانون ٨٣ لسنة ٢٠٠١.

وفي حال الطلاق والتنازل عن الحقوق الشرعية فلا يشمل ذلك أثاث الزوجية إلا إذا كان التنازل صريحا خاليا من الغموض وهذا ما أكدته محكمة التمييز في قرارها ١٩٨٠ لسنة ١٩٨٠ حيث بيّنت أن الأثاث من الحقوق الشخصية ولا يدخل ضمن الحقوق الشرعية كالنفقة والمهر.

ويحق للزوجة أن تطلب الحجز الاحتياطي على الأثاث عند وجود بينة شخصية تثبت الغصب استنادا إلى المواد ٢٣١ إلى ٢٥٠ من قانون المرافعات ويمكنها أيضا المطالبة بتنفيذ الحكم الصادر لصالحها بعد اكتسابه الدرجة القطعية استنادا إلى قانون التنفيذ رقم ٤٥ لسنة ١٩٨٠.

أما المحكمة المختصة بنظر هذه الدعاوى فهي محكمة الأحوال الشخصية للمسلمين ومحكمة المواد الشخصية لغير المسلمين وتُقام الدعوى في محكمة موطن المدعى عليه حسب المادة ٣٧ مرافعات وإذا كان النزاع بين أحد الزوجين وطرف ثالث كأهل الزوج فإن المحكمة المختصة تكون محكمة البداءة لا محكمة الأحوال الشخصية.

وختاماً فان اثاث الزوجية ليس موضوعا عاديا بل هو مسألة قانونية تحتاج دقة في التحليل وتأنيا في القراءة ومراجعة مستمرة للنصوص القانونية والقرارات القضائية لتفادي التكييف الخاطئ وضمان إنصاف الحقوق، وهو ما يحتم ضرورة اللجوء الى محام مختص قبل اقامة الدعوى.