افضل محامي جنائي في العراق

العنف الاسري وأثره على الحضانة في ضوء المدونة الجعفرية

المحامية نور الحميداوي
العنف الأسري يعد من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع ولاسيما حين يقع في بيئة تشهد نزاعات زوجية أو إجراءات طلاق فالطفل غالباً ما يكون الضحية الأولى لهذه النزاعات إذ يتعرض لضغوط
نفسية قد تفوق في خطورتها أي أثر مادي ويترتب عليها ضعف في الشخصية ,فقدان الثقة بالنفس ,
أو حتى ميول عدوانية في المستقبل . ومن هنا كان لزاماً على الفقه والقانون أن يقفا بصرامة لحماية الطفل من أثار النزاعات الأسرية .
وفقاً للمدونة الجعفرية تُعطى الحضانة للأم حتى بلوغ الطفل سبع سنوات ثم تنتقل للأب بعد هذا العمر
غير أن هذا التنظيم لا يعني أن النص مطلق , بل إن القاعدة الأهم هي مصلحة الطفل الفضلى , إذ يقدم الفقهاء هذا المبدأ على مجرد الترتيب العمري . فإذا ثبت أن أحد الأبوين يشكل خطراً على استقرار الطفل بسبب العنف أو الإهمال , فإن حقه في الحضانة يسقط , ويكون القاضي مخولاً بإسنادها إلى الطرف الأصلح لحماية الصغير .
العنف ضد الطفل في بيئة الطلاق لا يعد مجرد خطأ اجتماعي , بل هو جريمة مضاعفة : جريمة في حق براءة الطفولة , وجريمة في حق القانون الذي أقر للطفل حقه في الحماية والرعاية ولا يمكن للأب أو الام
أن يتخذوا من خلافاتهم وسيلة للضغط أو الانتقام على حساب استقرار الأبناء فالعلاقة الزوجية قد تنتهي بالطلاق , لكن المسؤولية الأبوية تضل قائمة مدى الحياة .
وقد أشار القران الكريم إلى هذا المبدأ العظيم حين قال تعالى “ولا تزر وازرة وزر أخرى” (الأنعام 164)
أي أن الأطفال لا يجوز أن يتحملوا أوزار نزاعات والديهم . كما أكد النبي صلى الله عليه وأله وسلم على عظم المسؤولية تجاه الأبناء بقوله : “كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت “
وهذه النصوص الدينية تشدد على أن واجب الرعاية والحماية مقدم على كل خلاف شخصي أو نزاع زوجي.
وخلاصة القول
إن الطلاق قد يكون حلاً مشروعا لبعض الأزمات الأسرية , لكنه لا يبرر بأي حال من الأحوال إدخال الأطفال في دائرة الصراع فالحضانة حق للطفل قبل أن تكون حقاً للأبوين , ومصلحته هي المعيار الأول الذي يزن به القاضي قراره , وأي ممارسة للعنف أو الإهمال تسقط هذا الحق وتحول الأب أو الأم من ولي رحيم إلى مسؤول أمام القانون .