الرشد كضابط لانتهاء الحضانة: بين السلطة التقديرية الشرعية والفراغ التشريعي في القانون الوضعي.
المحامي: د. سيف علي الشمري
تنص القاعدة الفقهية على أن الحضانة تنتهي ببلوغ الولد رشيداً …
أي عند اكتمال أهليته للتمييز وتحمل المسؤولية وليس بمجرد بلوغه سناً معيناً فقط.
ويُقصد بالرشد هنا القدرة على التصرف في شؤونه المالية والاجتماعية على نحو سليم وهي حالة تختلف من شخص إلى آخر.
وفي حال تطبيق هذا المبدأ من قبل الحاكم الشرعي أو من ينوب عنه شرعاً فإن المسألة تأخذ طابعاً تقديرياً باعتبار أن لهما الصلاحية في التحقق من تحقق الرشد من عدمه وفقاً لما يتوافر لديهما من معطيات شرعية وشخصية وهذا يندرج ضمن السلطة التقديرية القضائية المخولة لهما شرعاً وقانوناً.
لكن عند الانتقال إلى التطبيق في محاكم الأحوال الشخصية وفق القانون الوضعي تبرز إشكاليتان رئيسيتان:
1. غياب التحديد العمري الدقيق لانتهاء الحضانة:
ففي ظل عدم وجود نص قانوني صريح يحدد سناً معيناً لانتهاء الحضانة (كما كان الحال في التشريع السابق الذي حدد سن الرشد بـ(18) عاماً)، تنشأ صعوبة عملية في التطبيق إذ قد يُصادف أن يبلغ الولد سناً متقدماً من الناحية العمرية لكنه لا يُعد رشيداً من الناحية القانونية أو الفقهية والعكس صحيح.
وهذا يثير تساؤلاً حول الجهة المخولة قانوناً وشرعاً بتقدير الرشد خصوصاً في ظل غياب آلية واضحة لتحديده مما قد يؤدي إلى تفاوت الأحكام واختلاف التطبيقات القضائية.
2. إشكالية التوفيق بين السن المحدد قانوناً والسن المعتبر شرعاً:
فإذا افترضنا – جدلاً – أن القانون حدد سناً معيناً لبلوغ الولد رشيداً كأن يكون (15) عاماً مثلاً فإن هذا التحديد قد يتعارض مع ما قرره الفقه الإسلامي الذي يشترط لتحقق الرشد بلوغ الشخص مع تمام العقل وحسن التصرف في المال وهو ما قد لا يتحقق بالضرورة عند سن معينة مما يفتح الباب أمام إشكالات في التوفيق بين المعيار الشرعي والضابط القانوني.
لذا فالخلاصة من هذا المقال البسيط هي :
إن النص على أن “الحضانة تنتهي ببلوغ الولد رشيداً” يقتضي ضبطاً تشريعياً أو لائحة توضيحية تحدد معياراً موضوعياً أو آلية فحص قانوني/قضائي لبيان تحقق الرشد من عدمه بما يحقق التوازن بين المقتضيات الشرعية ومتطلبات التنظيم القانوني ويمنع التعارض أو التناقض في الأحكام القضائية …
