المسؤولية التضامنية من يتحمل واجب حماية العامل

المحامي ايوب حميد

في سوق العمل العراقي اليوم تتكاثر شركات التوظيف الخاصة وتنتشر عقود المقاولة من الباطن في المشاريع الحكومية والاهلية حتى صار العامل نفسه لا يعرف بالضبط من هو صاحب العمل الحقيقي الذي يضمن له الاجر والتامين والتقاعد شركة اتش ار توقع العقد لكن الاشراف اليومي ياتي من جهة اخرى بينما المقاول الثانوي يتولى التنفيذ والنتيجة حقوق تتبعثر بين ثلاثة اطراف لا احد منهم يريد ان يكون هو المسؤول

لكن القانون العراقي لم يترك المسالة للغموض
قانون العمل رقم سبعة وثلاثين لسنة الفين وخمسة عشر حسمها بوضوح اذا احال صاحب العمل جزءا من عمله الى متعاقد من الباطن وكان العمال يعملون في نفس الظروف وبنفس الشروط فالمسؤولية تكون تضامنية بين الاثنين بمعنى اخر لا يحق لصاحب العمل ان يتهرب من التزاماته تجاه العامل بحجة ان هناك مقاول من الباطن او شركة تشغيل العامل لا يعاقب على تعدد العقود بل يحمى من خلال تضامن الاطراف جميعا في مواجهة اي اخلال بحقوقه

هذا المبدأ القانوني يعني ان الاجر والتعويض وساعات العمل والاجازات وحتى شروط السلامة المهنية تظل واجبة الاحترام من كلا الطرفين فاذا امتنع المقاول الثانوي عن دفع الاجر يمكن للعامل ان يطالب صاحب العمل الاصلي فالقانون يرى ان من استفاد من جهد العامل لا يمكنه التنصل من مسؤوليته

اما قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم ثمانية عشر لسنة الفين وثلاثة وعشرين فقد جاء ليكمل هذه الحماية فالقانون الجديد لم يعد يعترف بالتلاعب الذي كان يجري تحت غطاء العقود المؤقتة او المتعهدين كل عامل يعمل لقاء اجر في منشاة او مشروع يجب ان يسجل في الضمان واذا تخلف احد الاطراف عن ذلك تتحرك دائرة الضمان لمطالبة اي جهة مسؤولة الاصلية او من الباطن لان الواجب هنا تضامني ايضا حماية للعامل لا للربح

النصوص وحدها لا تكفي بل الرقابة هي التي تنقذ القانون من الورق
حين تغيب الرقابة الحقيقية من قبل وزارة العمل وهيئات الضمان تتحول القوانين الى شعارات شركات اتش ار تستغل الثغرات والمقاولون الثانويون يتهربون من تسجيل العمال وصاحب العمل الاصلي يغسل يده من اي التزام بحجة ان العقد من الباطن والنتيجة الاف العمال بلا ضمان وبلا تعويض وبلا امان وظيفي

الرقابة هنا ليست اجراء اداريا بل وظيفة اجتماعية فالمشرع وضع النصوص لكن من دون مفتش عمل نزيه ودائرة ضمان جادة ستبقى المسؤولية التضامنية حبرا على ورق على الدولة ان تعامل من يزور عقود العمل كما تعامل من يزور الوثائق الرسمية لان كليهما يعتدي على حقوق المواطنين

العامل لا يعنيه شكل العقد ولا اسم الشركة بقدر ما يعنيه ان يقبض اجره في موعده وان يجد اسمه مسجلا في دائرة الضمان وان لا يرمى خارج العمل بلا تعويض بعد سنوات من الخدمة وهذه ابسط حقوقه وهي جوهر الفكرة التي تقوم عليها المسؤولية التضامنية

اصلاح سوق العمل العراقي يبدأ من هنا من رقابة حقيقية تطبق النصوص وتعيد الهيبة للقانون فالعامل لا يحتاج نصا جديدا بل جهة تحميه من تحايل القديم فما لم تفعل الرقابة ستبقى النصوص نائمة والعدالة خارج الدوام