التحكيم في القانون العراقي
| |

لماذا يجب على أي شركة تعمل في العراق قراءة هذا القرار قبل توقيع أي عقد؟

المحامية نور جواد الدليمي

قراءة واحدة قد تنقذ شركتك من خسائر بملايين الدولارات

في عالم الأعمال، ليست العقود مجرد أوراق تُوقّع ثم تُحفظ في الأدراج، بل هي خطوط الحياة التي تبني عليها الشركات استثماراتها ومشاريعها واستراتيجياتها المستقبلية. والخطأ الواحد في تفسير بند، أو إغفال فقرة صغيرة، قد يتحوّل إلى كارثة مالية تُسقط أكبر الشركات وأكثرها خبرة.

لكن ما شهدته الساحة القانونية العراقية أخيراً أعاد ترتيب القواعد كلها، وأرسل رسالةً صادمة لكل من يعمل في الاستثمار والمقاولات والتجارة:

القضاء العراقي سيطبق التحكيم الدولي بقوة، وأحكام التحكيم الأجنبية أصبحت نافذة وواجبة التنفيذ داخل العراق دون تردد.

القرار الذي صدر عن الهيئة الموسعة المدنية في محكمة التمييز الاتحادية لم يكن قراراً عادياً…
بل كان زلزالاً قانونياً حطم آخر أوهام الشركات التي تعتقد أنها تستطيع الهروب من التزاماتها التعاقدية بمجرد اللجوء إلى المناورات المحلية أو استغلال الثغرات الإجرائية.

القصة باختصار… كيف وقعت الشركات في الفخ؟

شركة مقاولات دخلت في مشروع ضخم بقيمة تتجاوز 19 مليون دولار. لم تُنجز ما التزمت به، نشبت النزاعات، وتم اللجوء إلى هيئة تحكيم دولية. الهيئة قضت بإلزام الشركة بتعويضات ودفعات كبيرة.

وهنا اعتقدت الشركة – مثل كثيرين – أن بإمكانها الإفلات عبر الطعن داخل العراق.

لكن المفاجأة:
محكمة التمييز الاتحادية نقضت قرار الاستئناف، وأكدت أن الحكم التحكيمي الدولي ملزم ويجب تنفيذه.

لماذا؟
لأن العراق انضم رسمياً إلى اتفاقية نيويورك لعام 1958، وهذا يعني أن الدولة باتت ملزمة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية كما هي، ما لم تتوافر حالات استثنائية ضيقة جداً.

ماذا يعني هذا القرار للشركات والمستثمرين؟

1) أي عقد تجاري أو إنشائي أو استثماري يوقّع اليوم يجب أن يُقرأ بعين جديدة.

التحكيم الدولي لم يعد خياراً ثانوياً… بل أصبح القاضي الحقيقي في أي نزاع كبير داخل أو خارج العراق.

2) الشركات العراقية أصبحت مُجبرة على الالتزام الكامل بشروط العقود.

لم يعد ممكناً الاحتماء بالإجراءات الداخلية أو التأجيل أو المماطلة.
القرار القضائي أوضح أن هروبك من التعويضات لن ينجح… مهما بلغت قوتك أو نفوذك.

3) المستثمر الأجنبي أصبح أكثر أماناً.

هذه نقطة جوهرية:
القرار أعطى رسالة قوية للمستثمرين بأن العراق يحترم التحكيم الدولي، ويضمن حقوق الشركات الأجنبية.
وهذا بالضبط ما يبحث عنه أي مستثمر عالمي.

4) أي خطأ في صياغة العقد قد يكلّفك الملايين دون أن تتمكن من الدفاع عن نفسك داخل العراق.

لأن التحكيم الدولي يحكم بناءً على النصوص الصريحة، وليس على الأعراف المحلية.

لماذا يجب أن تقرأ هذا القرار قبل أن توقّع أي عقد جديد؟

  • لأنه يوضح أن التحكيم ليس مجرد بند إضافي… بل هو مصيرك في حال النزاع. ولأنه يُعلّمك أن كل كلمة في العقد ستعود إليك لاحقاً، لصالحك أو ضدك. ولأنه يؤكد أن الشركات التي توقّع العقود دون استشارة قانونية متخصصة كمن يسير فوق أرض زجاجية وهو يعتقد أنها صلبة.

هذا القرار ليس حدثاً قانونياً فقط، بل هو تحول اقتصادي سيعيد رسم شكل التعاقدات والاستثمارات في العراق لسنوات طويلة.

نصيحة لكل شركة أو مستثمر قبل التوقيع:

قبل أن تضع توقيعك على أي عقد، سواء كان:

  • عقد إنشاءات
  • عقد شراكة
  • عقد تجهيز
  • عقد استثماري
  • عقد خدمات
  • أو حتى مذكرة تفاهم بسيطة

تذكّر أن حكم التحكيم قد يطاردك إلى آخر يوم في المشروع… وأنه قد يصدر في دولة أخرى، لكنه سيُنفذ في العراق بالقوة نفسها.

خاتمة:

إذا كنت شركة محلية أو أجنبية، مستثمراً أو مقاولاً، وترغب في حماية نفسك قبل التعاقد…
أو تحتاج إلى قراءة قانونية دقيقة لعقد قد يعرّضك لمسؤولية مالية ضخمة…
أو تواجه نزاعاً ويهمك فهم فرصك الحقيقية أمام التحكيم الدولي…

يسعدنا استقبال أي استشارة أو طلب وكالة، وتقديم الدعم القانوني الكامل لضمان أن تكون خطواتك التعاقدية آمنة، مُحكمة، وخالية من المخاطر.

المحامية نور جواد الدليمي