محامي متخصص بالدعاوى الجزائية والابتزاز الالكتروني

تحديث العدالة: كيف يواجه القانون الجنائي العراقي طفرة الابتزاز الرقمي؟

إن البشرية قد شهد ثورات بدلت من سلوكيات وانتجت مفاهيم وقيّم تتلائم مع ضروراتها فالأولى كانت زراعية والثانية كانت صناعية أما الثالثة والتي بدأت من القرن العشرين ولازلنا في خضمها ألا وهي الثورة التقنية (Technological revolution) والتي يقصد بها فترة زمنية تشهد فيها تقنيات جديدة تحل محل التقنيات القديمة، مصحوبة بتغيرات اجتماعية واقتصادية وقانونية واسعة النطاق.

إن الإبتزاز (Blackmail) مفهوم قديم ترسخت سلوكياته وتجسدت على دلالة (الضغط غير المشروع على رغبة الآخر بغاية الحصول على منفعة مادية أو معنوية)

هذا المفهوم-أي الإبتزاز- تجدد واكتسب دلالات جديدة في ضوء الثورة التقنية واكتسب مديات اوسع من النطاق التقليدي له و سُحبت دلالاته إلى أبعاد اخرى وهي الأبعاد الرقمية والتقنية.

بالتالي تطورت دلالة الابتزاز لتواكب الثورة التقنية ليتمثل بـ(كل ممارسة تمثل ضغطاً غير مشروع على رغبة الاخر في الفضاء الرقمي).

ولو نظرنا إلى التشريع الجنائي العراقي و معالجاته للإبتزاز بشكل عام وللإبتزاز الألكتروني بشكل خاص لوجدنا بأن المنظومة التشريعية تفتقر لهذا اللفظ إلا أنها أستوعبت بعض من دلالاته -وليس جميعها-

وهذهِ المعالجة التشريعية للإبتزاز قد تباينت بنصوص عديدة أختلفت وترامت أطرافها تبعاً للمصلحة الجنائية المعتبرة

-فعندما يستهدف الإبتزاز بالدرجة الأساس (مصلحة الإنسان في أمنه أو حريته أو حرمتهُ الشخصية وخصوصيته وأسراره)
فيندرج تكييف ذلك الأبتزاز تحت نصوص جريمة التهديد (430 ,431 , 432) والتي قد تتراوح العقوبات بين السجن لسبع سنوات في حدها الأعلى ونزولاً الى الحبس لثلاثة أشهر أو الغرامة في حدها الأدنى حسب جسامة السلوك المقترف ومظاهره.

-أما إذا أستهدف الإبتزاز بالدرجة الأساس مصلحة الإنسان في (ماله) فيندرج تكييفه على أنهُ جريمة من الجرائم الواقعة على الأموال (غَصَبْ) وفق المادة (452) والتي تتجسد عقوبتها بالسجن لمدة سبعة سنوات أو الحبس.

وتوجد العديد من القرارات القضائية التي عاقبت على الإبتزاز الألكتروني وكيفت الجريمة بحسب خصوصية وقائعها سواء اكانت تحت عنوان جرائم التهديد أو (الاغتصاب) بوصفها جريمة من جرائم الأموال.

المحامي والتدريسي مصطفى حامد
ماجستير في القانون جنائي-جامعة بغداد