جريمة الوعد بالزواج: بين الوهم القانوني والخطر الاجتماعي

المحامي: نور صباح فليح/محاكم استئناف الرصافة

تُعد جملة “انتِ حبيبتي وراح اتزوجج” من أكثر العبارات التي يلجأ إليها الكثير من الشباب، بل وحتى بعض كبار السن، لبناء علاقة عاطفية مع الفتيات، تكون في ظاهرها مبنية على الحب والنية للارتباط، لكنها في كثير من الأحيان تُخفي وراءها نية خبيثة تهدف لاستغلال الفتاة نفسياً وجنسياً.

هذا النوع من الخداع العاطفي، حين يستخدم الشاب وعود الزواج كوسيلة للوصول إلى رغباته الجنسية، يُعتبر استغلالاً نفسياً وعاطفياً جسيماً، وله تداعيات خطيرة ليست فقط على الصعيد النفسي والاجتماعي، بل تمتد ايضاً ا إلى الجانب القانوني والجزائي.

في بعض الحالات، يصل الشاب إلى حد إلباس الفتاة “حلقة” على أساس الخطوبة، وذلك ليكسب ثقتها بشكل أكبر، ويقنعها بأن العلاقة بينهما مشروعة. وغالباً ما يتم تصوير العلاقة الجنسية على أنها دليل على إخلاص الفتاة وصدق حبها، مستغلاً عواطفها وثقتها المفرطة.

لكن ما إن يُحقق الشاب هدفه، ويصل إلى مبتغاه ، حتى ينسحب من العلاقة أو يختفي، وقد تتعرض الفتاة بعد ذلك إلى التهديد أو الابتزاز، خاصة إذا طالبت بتنفيذ وعد الزواج.

الفتاة ضحية لثلاث مصائب:
1. خديعة وعد الزواج، اذ يستخدم الشاب الوعد بالزواج كوسيلة لارتكاب الفعل الجنسي دون نية حقيقية للزواج.
وتنص المادة (395) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 على ما يلي: “من أغوى أنثى أتمت الثامنة عشرة من العمر بوعد الزواج فواقعها ثم رفض بعد ذلك الزواج بها، يعاقب بالحبس”.

2. التهديد والابتزاز، بعد انتهاء العلاقة، قد يلجأ الشاب إلى الابتزاز أو التهديد بنشر صور أو معلومات خاصة للحصول على المال أو لإجبار الفتاة على السكوت.

وتنص المادة (430/1) من قانون العقوبات العراقي: “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس كل من هدد اخر بارتكاب جناية ضد نفسه او ماله او ضد نفس او مال غيره او باسناد امور مخدشة بالشرف او افشائها وكان ذلك مصحوبا بطلب او بتكليف بامر او الامتناع عن فعل او مقصودا به ذلك”.

3. التهديد المجتمعي والعشائري، في كثير من المناطق، ما زالت التقاليد العشائرية تلعب دوراً كبيراً ، وفي بعض الحالات، تُستخدم هذه التقاليد كغطاء لما يُسمى بـ “غسل العار”، مما يعرّض الفتاة إلى خطر حقيقي على حياتها.

الحق القانوني للفتاة:

لكل فتاة تتعرض لهذا النوع من الاستغلال، الحق الكامل في تقديم شكوى قانونية ضد الشخص الذي استغلها، سواء بوعد الزواج أو من خلال التهديد والابتزاز.

كما يمكن للفتاة أن تطلب من المحكمة أو الادعاء العام إجراء التحقيق والمحاكمة بشكل سرّي، حماية لها من التداعيات الاجتماعية أو العشائرية.

ختاماً

الوعد بالزواج لا يُبرر ابداً الدخول في علاقة جنسية، ومهما كانت العاطفة كبيرة، فإن القانون لا يعترف بالمشاعر عندما تتحول إلى أداة استغلال.

لا تسكتي عن حقكِ، القانون إلى جانبك.