الأعمال المماثلة في المناقصات الحكومية العراقية… البند الذي يحسم مصير الشركات وفق تعليمات 2025

المحامي/ايوب حميد

لم يعد بند الاعمال المماثلة مجرد سطر في دفاتر الشروط الخاصة بالمناقصات الحكومية في العراق. خلال السنوات الاخيرة، ومع تشديد الدولة على جودة المشاريع العامة، صار هذا البند هو بوابة القبول او الرفض في اغلب العطاءات، بل المعيار الذي يقاس عليه جدية الشركات وقدرتها الفعلية على تنفيذ الاعمال الحكومية وفق الضوابط الفنية والقانونية.

وبصفتي محاميا يعمل يوميا في ملفات الشركات والقضايا التجارية والبداءة والضرائب والاستثمار والعقارات والديون في بغداد، بات من الواضح ان معظم الشركات لا ترفض بسبب ضعف خبرتها، بل بسبب سوء اعداد ملف الاعمال المماثلة وعدم فهم تعليمات تنفيذ العقود العامة رقم 1 لسنة 2025 المنشورة في الوقائع العراقية. هذا الشرط تحول الى ميزان حساس، خطوة واحدة خاطئة فيه قد تعني خروج الشركة من المنافسة قبل ان تبدأ فعليا.

اولا: ما المقصود بالاعمال المماثلة ولماذا تصر عليها الجهات الحكومية؟
الجهات الحكومية تريد ان تتأكد ان الشركة المتقدمة ليست اسما على ورق، بل جهة سبق لها انجاز مشاريع فعلية تشبه المشروع الجديد من حيث طبيعة العمل ومستوى التعقيد وحجم المشروع وجودة التنفيذ واسلوب الادارة والالتزام بالمدد الزمنية. هذه ليست رفاهية. في مشاريع البنى التحتية والانشاء والتجهيز والطاقة والخدمات، تعتبر الاعمال المماثلة الدليل العملي الوحيد على قدرة الشركة على تنفيذ العقد الجديد دون مخاطر او مجازفة.

ثانيا: لماذا يتم رفض اكثر من 60 بالمئة من الشركات في هذا البند؟
من خلال مراجعة مئات الملفات، يمكن القول ان هذا البند هو العقدة التي تسقط غالبية الشركات، والسبب ليس قلة الخبرة، بل الاخطاء الخمسة الآتية:
1. تقديم اعمال لا تطابق موضوع المناقصة، مثل تقديم مشروع تجهيز بسيط في مناقصة انشائية معقدة، او تقديم مشروع صغير لا يتناسب مع قيمة العقد.
2. نقص الوثائق الرسمية، فالمشروع بلا امر احالة او عقد او استلام اولي او استلام نهائي لا قيمة له، فهذه الوثائق هي الهيكل القانوني للمشروع.
3. اختلاف البيانات بين الوثائق، واي اختلاف في رقم العقد او قيمة المشروع او تاريخ الاستلام يعني رفض مباشر.
4. مشاريع غير قابلة للتحقق، خصوصا تلك الصادرة من جهات غير رسمية او بلا مستندات كافية.
5. ضعف قيمة المشروع مقارنة بقيمة المناقصة، حيث تشترط بعض الجهات ان لا تقل قيمة الاعمال المماثلة عن 30 الى 50 بالمئة من قيمة العقد الجديد.

ثالثا: كيف تعد الشركات ملف اعمال مماثلة قوي ويستوفي شروط قبول 2025؟
اعداد الملف يحتاج عملا دقيقا وليس مجرد جمع اوراق. اهم الخطوات هي جمع المستندات القانونية كاملة، من امر الاحالة الى الاستلام النهائي مرورا بالمحاضر والجداول والكميات والصور عند الحاجة، ثم اختيار مشاريع مطابقة فعليا لموضوع المناقصة، لا مشاريع قريبة فقط، مع توحيد البيانات بين جميع الوثائق لمنع اي تضارب قد يطيح بالملف، والتركيز قدر الامكان على المشاريع الحكومية لانها الاكثر قبولا وسهولة في التحقق منها، واخيرا تنظيم الملف بشكل مهني عبر ملفات الكترونية مرتبة وترقيم واضح وعناوين دقيقة ووصف موجز لكل مشروع.

رابعا: كيف تطعن الشركة قانونيا عند رفض الاعمال المماثلة؟
الرفض ليس نهاية الطريق. تعليمات تنفيذ العقود لعام 2025 منحت الشركات مسارات واضحة للطعن، تبدأ بطلب اعادة النظر مع تقديم الوثائق والايضاحات التي تثبت مطابقة المشاريع، ثم مراجعة الدائرة القانونية او دائرة العقود المختصة، واللجوء الى القضاء الاداري في حالات الرفض التعسفي او التفسير الخاطئ للتعليمات او الاخلال بمبدأ تكافؤ الفرص. هذا المسار القانوني اصبح جزءا اساسيا من حماية الشركات في سوق العطاءات.

خامسا: متى تحتاج الشركات الى استشارة قانونية متقدمة؟
الدخول في مناقصات حكومية اصبح عملية قانونية معقدة، خصوصا في حالات دخول الشركة لأول مرة في مشاريع حكومية، او تكرار الرفض بسبب الاعمال المماثلة، او وجود تضارب في البيانات او نقص في المستندات، او التنافس على مشاريع كبيرة او حساسة، او الحاجة الى اعادة هيكلة الشركة قانونيا او فنيا، ولا سيما في القطاعات الانشائية والطاقة والخدمات والعقود طويلة الامد. في مثل هذه الملفات، الاستشارة القانونية المتخصصة لم تعد خيارا، بل ضرورة لحماية موقف الشركة وزيادة فرص قبولها.

الخلاصة: كيف تربح الشركات المناقصات الحكومية؟
الفوز لا يعتمد على السعر فقط ولا على القدرات الفنية النظرية. الفوز اليوم يعتمد على ملف اعمال مماثلة معد وفق تعليمات 2025، خال من الاخطاء، واضح، متماسك، وقابل للتحقق. الشركات التي تدرك هذا الواقع وتستعين بخبرة قانونية محترفة في اعداد ومراجعة ملفاتها قبل التقديم، هي الاكثر قدرة على الفوز بالعطاءات وتنفيذ مشاريع حكومية ناجحة في بغداد والمحافظات. عالم المناقصات لا يرحم الاخطاء الصغيرة، ولا يكافئ الا من يستعد جيدا على الورق قبل ان ينزل الى ارض التنفيذ.

للتواصل مع المحامي ايوب حميد في بغداد
هاتف: +9647716346118