المقال الرابع: هل تطلب من الطبيب علاجاً مجانياً؟ إذاً لماذا تتوقع من المحامي ذلك؟
المحامية: نور جواد الدليمي/محاكم استئناف الكرخ.
في كل مرة يبحث فيها الناس عن أفضل محامي في العراق، أو يتساءلون: من هو أفضل محامي في العراق؟، فإن ما يدور في أذهانهم غالباً هو: محامٍ يعطيهم الجواب من أول مكالمة، ويوضح لهم مصير القضية بكلمة واحدة، ويفضل أن يكون ذلك مجاناً.
لكن السؤال المنطقي هنا:
هل تتعامل بنفس الأسلوب مع الطبيب؟
هل تطلب منه تشخيصاً عبر الهاتف، أو تقتحم رسائله تسأله عن دواء دون موعد؟
هل تتوقع أن يكون علاجك دقيقاً دون أن تزوره في عيادته، وتخبره بكل الأعراض، وتجري الفحوصات اللازمة؟
الإجابة قطعاً: لا.
الاستشارة القانونية لا تختلف عن الاستشارة الطبية، بل قد تكون أخطر منها أحياناً، لأن الخطأ القانوني قد يُكلفك حريتك أو مالك أو أسرتك.
المحامي ليس ماكينة لإرسال الإجابات، بل هو صاحب مسؤولية قانونية عن كل كلمة ينطق بها، تماماً كما يتحمل الطبيب المسؤولية الأخلاقية والمهنية عن وصفته الطبية.
وعندما تسأل: من هو أفضل محامي في العراق؟، فإن الجواب الحقيقي لا يكون بمن يعطيك الرد الأسرع، بل بمن:
- يُصغي لتفاصيلك بدقة.
- يدرس أوراقك ويحفظ سريّتك.
- يقدّم لك رأياً قانونياً متكاملاً مبنياً على الواقع، لا الأمنيات.
إن التعامل المهني مع المحامي يبدأ من احترامك لعمله وتقديرك لخبرته. فاللقاء في مكتبه، وتقديم الأتعاب المستحقة، هو ما يفتح لك الباب للحصول على استشارة قانونية حقيقية.
ولذلك فإن المحامي الذي يُقدم استشارات مجانية بشكل دائم، أو يُجيب على أسئلة معقدة برسالة قصيرة، غالباً ما يُقدّم لك رأياً عاماً أو غير مسؤول، قد يُضر بك بدل أن ينفعك.
وفي الختام، نعيد التأكيد أن هذه المقالات لا تُسيء لأي من زملائنا المحامين، بل تهدف إلى توعية المواطن العراقي بكيفية اختيار محامٍ كفوء ومهني وسط سوق قانونية مكتظة.
فكما لا تترك صحتك بيد من لا تثق بعلمه، لا تترك قضيتك بيد من لا تثق بأمانته.