تأسيس شركة تأمين في العراق

الهيكلة القانونية لمقدّمي خدمات التأمين: كيف يستوفي الأفراد والشركات شروط ديوان التأمين للحصول على الترخيص؟

المحامية نور جواد الدليمي

منذ صدور تعليمات ترخيص مقدّمي خدمات التأمين رقم (4) لسنة 2025، تغيّرت قواعد اللعبة في سوق التأمين العراقي. لم يعد الطريق إلى الترخيص مفتوحاً بلا ضوابط، بل أصبح اختباراً حقيقياً للجهات والأفراد الذين يرغبون بدخول هذا القطاع الحيوي. فالترخيص اليوم لم يعد وثيقة تُمنح بسهولة، بل اعتراف رسمي بقدرة الشخص أو الشركة على ممارسة عمل حساس يعتمد على الثقة والالتزام والمسؤولية المهنية. وهذه النقلة التنظيمية جعلت من الضروري فهم المعايير التي وضعتها التعليمات، خصوصاً وأنها تستهدف فئتين مختلفتين: الأشخاص الطبيعيين (الأفراد) و الأشخاص المعنويين (الشركات).

الشخص الطبيعي والشخص المعنوي: طريقان مختلفان إلى ترخيص واحد

تفتح تعليمات 2025 الباب أمام الأفراد للحصول على ترخيص مزاولة اعمال خدمات التأمين، وهو أمر مهم يعزز المنافسة ويمنح المتخصصين فرصة العمل المستقل. غير أن هذا الانفتاح لا يعني تبسيط المتطلبات؛ فالمتقدم الفرد يجب أن يمتلك الأهلية القانونية والخبرة والسمعة المهنية الجيدة، إضافة إلى شروط أخرى تتعلق بالنزاهة وعدم صدور أحكام مخلة بالشرف. وهذا يجعل الترخيص مسؤولية شخصية مباشرة، يتحمل مقدم الطلب تبعاتها كاملة أمام ديوان التأمين والعملاء والجهات الرقابية.

أما الشركات، فلا يكفي أن تحمل اسماً تجارياً أو شهادة تأسيس. يجب أن تكون ذات شخصية معنوية مكتملة، ولها إدارة واضحة، وهيكل قادر على إدارة المعلومات التأمينية وتقديم الخدمة بمهنية. وهذا يعني أن ديوان التأمين يتعامل مع الشركة ككيان مسؤول، وليس مجموعة أفراد يعملون بشكل عشوائي، وهو ما يضمن الاستقرار المهني ويعزز ثقة السوق.

الهيكل الإداري والمالي: معيار الجدارة وليس مجرد استكمال أوراق

سواء كان المتقدم فرداً أو شركة، فإن التعليمات تشدد على ضرورة توفر الخبرة الفنية والقدرة التنظيمية. فالأفراد يجب أن يثبتوا مهاراتهم المهنية وسجلهم في القطاع، بينما يتوجب على الشركات تقديم ما يثبت امتلاكها لهيكل إداري قادر على إدارة البيانات التأمينية والعمليات الفنية.

ويمتد هذا الاهتمام أيضاً إلى الجانب المالي؛ فالتعليمات تتطلب وجود قدرة مالية كافية لضمان استمرارية العمل، سواء عبر رأس مال الشركة أو ضمانات يقدّمها الفرد. فالتأمين ليس خدمة يمكن تقديمها بعفوية، بل نشاط يعتمد على الاستقرار وضمان الوفاء بالالتزامات.

الامتثال الرقابي: التزام يبدأ قبل الترخيص ويستمر بعده

لا يُنظر إلى الترخيص كخط نهاية، بل هو نقطة الانطلاق. ديوان التأمين يتعامل مع مقدّم الخدمة باعتباره جزءاً من منظومة تتطلب إبلاغاً، وإفصاحاً، وحفظ سجلات، والالتزام بتعليمات الديوان بصورة مستمرة. هذا الامتثال يشكل عصب سوق التأمين؛ لأنه يمنع الفوضى، ويوفر بيئة تنافسية عادلة، ويضمن حماية المستهلك.

كيف يستوفي المتقدم شروط الترخيص بنجاح؟

الطريق يبدأ بفهم التعليمات لا باعتبارها عراقيل، ولكن باعتبارها معايير جودة. فالديوان لا يسعى إلى منع دخول المزيد من مقدّمي الخدمات، بل يريد دخول المؤهلين فقط. وعندما يتعامل الفرد أو الشركة مع الترخيص على أنه مشروع احترافي يتطلب تخطيطاً وتوثيقاً واستعداداً، تصبح عملية الحصول عليه مسألة وقت، لا مسألة عقبة.

خاتمة: سوقٌ جديد يحتاج إلى محترفين

إن تعليمات رقم 4 لسنة 2025 تمثل فرصة كبرى لكل فرد أو شركة ترغب في دخول قطاع التأمين وفق إطار قانوني صارم وواضح. وفي الوقت نفسه، هي رسالة بأن هذا القطاع لم يعد يحتمل العشوائية أو غياب المهنية. فإذا كنتم تفكرون في الحصول على ترخيص، أو ترغبون بفهم الإجراءات والمتطلبات بدقة، فنحن نرحب بأي استشارة أو استفسار، ونسعد بمرافقتكم في كل خطوة لضمان تأسيس قانوني سليم وانطلاق مهني راسخ في سوق التأمين العراقي.