المقال الثاني: اللقاء في مكتب المحامي… لا في المقهى

المحامية: نور جواد الدليمي/محاكم استئناف الكرخ.

كثير من الأشخاص، عند رغبتهم في استشارة محامٍ، يكتفون بمكالمة هاتفية، أو يطلبون اللقاء في مقهى، أو حتى يرسلون سؤالاً عبر رسالة نصية ثم ينتظرون إجابة فورية. وقد يتجاوب بعض المحامين مع هذا الأسلوب، سواء بدافع المجاملة أو كنوع من التسويق لأنفسهم، لكن هذا لا يعني أنه الأسلوب المهني أو الآمن في التعامل.

المحاماة ليست مهنة عابرة، بل هي مهنة تتعامل مع القضايا المصيرية للناس: طلاق، سجن، أموال، نزاعات عائلية، أو تجارية. ومن غير المنطقي أن تُختصر مشكلة قانونية معقدة في لقاء عابر أو رسالة مقتضبة. اللقاء في مكتب المحامي، لا في المقهى، هو الخطوة الأولى نحو تعامل قانوني جاد.

وجود مكتب رسمي للمحامي يُعطي انطباعاً بالثبات والالتزام، كما يمنح الموكل شعوراً بالثقة والاطمئنان بأن لهذا المحامي مقراً دائماً يمكن الرجوع إليه. المكتب ليس مجرد مكان، بل هو مساحة تُصان فيها السرية، وتُراجع فيها الوثائق، ويُطرح فيها السؤال القانوني ضمن سياق متكامل.

أما المقاهي واللقاءات غير الرسمية، فهي ليست فقط غير مهنية، بل قد تُعرّض الموكل لمشكلات قانونية. فالمحامي الذي لا يملك مكتباً قد لا يكون مسجّلاً أصولياً، أو قد يتنصّل لاحقاً من الاستشارة، أو يصعب الوصول إليه عند الحاجة.

كما أن طرح المشكلة كاملة، مع الوثائق والتفاصيل، يحتاج إلى وقت وهدوء وتركيز، وهذا لا يتوفر في الأماكن العامة ولا عبر الرسائل المتعجلة.

من حقك أن تبحث عن محامٍ يُنقذك من المشكلة، لكن عليك أيضاً أن تمنحه البيئة التي تُساعده على فهمها بشكل صحيح.

وفي نهاية المقال، نكرر ما ذكرناه في المقال السابق: نحن لا ننتقص من زملائنا المحامين، بل نُسلّط الضوء على واقعٍ مهني يحتاج إلى تصحيح.
فكثرة الشكاوى والتجارب السلبية التي تواجه الناس ليست دائماً بسبب جهلهم، بل أحياناً بسبب تعامل غير مسؤول من بعض المحامين، وهو ما دفع النقابة إلى تسجيل عدد ملحوظ من العقوبات المهنية خلال السنوات الأخيرة.

إن اختيار محامٍ متمكن لا يبدأ من مظهره أو كلامه، بل من طريقة تعامله معك منذ اللقاء الأول. والمكتب هو بوابة الجدية الأولى.