حر الصيف في العراق والالتزامات القانونية: حينما يصبح الحر تهديداً للصحة العامة
المحامية نور جواد الدليمي
يشهد العراق سنويا موجات حر قياسية تصل إلى مستويات تهدد حياة الأفراد وتؤثر في سير العمل والخدمات العامة. وبالنظر إلى هذا الواقع، تتداخل القوانين العراقية مع مسألة الحرارة العالية من عدة جوانب، أبرزها:
1. قوانين العمل والدوام الرسمي: وفقا لقانون العمل العراقي رقم (37) لسنة 2015، يحق للعمال العمل في بيئة آمنة وصحية (المادة ٤٢/ح)، ويُلزم صاحب العمل بتوفير وسائل الوقاية من المخاطر، بما فيها المخاطر المناخية مثل الحر الشديد، من خلال توفير أماكن مكيّفة أو تخفيض ساعات العمل.
كما نص قانون العمل وتحديداً في المادة (104) :
تحدد بتعليمات يصدرها الوزير الاعمال التي تضر بصحة الاحداث وسلامتهم واخلاقهم والاعمال الخطرة ودرجات الحرارة غير الاعتيادية او الضجيج او الاهتزاز.
2. الإجراءات الحكومية: غالباً ما تُعلن الأمانة العامة لمجلس الوزراء أو مجالس المحافظات عن قرارات تعطيل الدوام الرسمي أثناء موجات الحر الشديد، حمايةً للصحة العامة، استنادا الى نصوص تتعلق بالسلامة العامة في القوانين الإدارية.
3. المسؤولية التقصيرية: يمكن مساءلة الجهات أو الأفراد قانونيا عن أي ضرر صحي يلحق بالعاملين أو المواطنين نتيجة الإهمال في توفير وسائل الحماية من الحرارة، بموجب أحكام المسؤولية المدنية في القانون المدني العراقي (المواد من ٢٠٤ إلى ٢٠٩).
4. القانون الجنائي: في حال تسبب الإهمال في وفيات أو إصابات جسيمة بسبب انعدام التبريد في المستشفيات أو المؤسسات، فقد تتجه المحاكم لتكييف ذلك ضمن جرائم الخطأ غير العمدي وفق المادة (٤١١ او ٤١٦) من قانون العقوبات العراقي وحسب الوقائع الخاصة بكل حالة.
5. التأثير على الخدمات العامة: الانقطاع المتكرر للكهرباء، وما يترتب عليه من أضرار صحية، قد يثير مسؤولية الجهات الخدمية وفق القوانين الإدارية ومبدأ حسن الإدارة.
الخلاصة: إن حرارة الصيف في العراق لم تعد مجرد ظاهرة طبيعية بل أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بالالتزامات القانونية لحماية المواطنين، مما يفرض على المؤسسات الحكومية والخاصة التزاما صارما بإجراءات الوقاية والسلامة.